سورة البقرة - تفسير تفسير ابن عبد السلام

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (البقرة)


        


{اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15)}
{اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} يجزيهم على استهزائهم، سمى الجزاء باسم الذنب {فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عَلَيْهِ} [البقرة: 194]
......................... *** فنجهل فوق جهل الجاهلينا
أو نجزيهم جزاء المستهزئين، أو إظهاره عليهم أحكام الإسلام مع ما أوجبه لهم من العقاب فاغتروا به كالأستهزاء بهم، أو هو كقوله تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم} [الدخان: 49] للاستهزاء به، أو يُفتح لهم باب جهنم فيريدون الخروج على رجاء فيزدحمون فإذا انتهوا إلى الباب ضُربوا بمقامع الحديد حتى يرجعوا فهذا نوع من العذاب على صورة الاستهزاء. {وَيَمُدُّهُمْ} يملي لهم، أو يزيدهم، مددت وأمددت أو مددت في الشر وأمددت في الخير، أو مددت فيما زيادته منه، وأمددت فيما زيادته من غيره. {طُغْيَانِهِمْ} غلوهم في الكفر، الطغيان: مجاوزة القدر. {يَعْمَهُونَ} يترددون أو يتحيرون، أو يعمون عن الرشد.


{أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16)}
{اشْتَرَوُاْ} الكفر بالإيمان على حقيقة الشراء، أو استحبوا الكفر على الإيمان إذ المشتري محب لما يشتريه، إذ لم يكونوا قبل ذلك مؤمنين، أو أخذوا الكفر وتركوا الإيمان. {فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ} في اشتراء الضلالة، أو ما اهتدوا إلى تجارة المؤمنين، أو نفى عنهم الربح والاهتداء جميعاً، لأن التاجر قد لا يربح مع أنه على هدى في تجارته، فلذلك أبلغ في ذمهم.


{مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17)}
{اسْتَوْقَدَ} أوقد، أو طلب ذلك من غيره للاستضاءة {أَضَآءَتْ} ضاءت النار في نفسها، وأضاءت ما حولها. قال:
أضاءت لهم أحسابُهم ووجوهُهم *** دُجَى الليل حتى نظَّمَ الجَزعَ ثاقبُه
{بِنُورِهِمْ} أي: المُستوقد، لأنه في معنى الجمع، أو بنور المنافق عند الجمهور، فيذهب في الآخرة فيكون ذهابه سمة يعرفون بها، أو ذهب ما أظهروه للنبي صلى الله عليه وسلم من الإسلام {فِى ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ} لم يأتهم بضياء يبصرون به، أو لم يخرجهم من الظلمات، وحصول الظلمة بعد ضياء أبلغ، لأن من صار في ظلمة بعد ضياء أقل إبصاراً ممن لم يزل فيها، ثم الضياء دخولهم في الإسلام، والظلمة خروجهم منه، أو الضياء تعززهم بأنهم في عداد المسلمين، والظلمة زواله عنهم في الآخرة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8